انتقد رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس توسع النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية، خلال مشاركته في ندوة بـ"مبادرة الشرق الأوسط" في جامعة هارفارد، وفقا لما نشره موقع ميدل إيست مونيتور.
دعا ساويرس الجيش إلى التراجع عن الأنشطة التجارية والعودة إلى ثكناته، وهو ما أثار موجة هجوم إعلامي شديد قادها مؤيدو الحكومة، اتهموه بإهانة القوات المسلحة وطالبوا بمحاكمته عسكريًا.
جاءت تصريحات ساويرس ضمن سياق دولي أوسع، أمام جمهور غربي ومن خلال منصات إعلامية ذات انتشار عالمي، ما منحها تأثيرًا استثنائيًا رغم أنها لم تكن الأولى من نوعها.
سبق أن حذر في عام 2021 من المنافسة غير العادلة بين القطاع الخاص والشركات التابعة للجيش، مؤكدًا أن هذه الشركات لا تدفع ضرائب أو جمارك، وتستخدم مجندين برواتب زهيدة، وهو ما يعوق دخول المستثمرين الأجانب.
استخدم ساويرس مثالًا بسيطًا: "حين يفكر مستثمر أجنبي بإنشاء مصنع للمياه المعبأة، يكتشف أن الجيش يمتلك مصنعًا مماثلًا لا يدفع ضرائب أو جمارك ويعتمد على عمالة رخيصة، فكيف يمكنه المنافسة؟"
تنتشر متاجر الجيش في القاهرة، ويعمل فيها مجندون بملابس مدنية لبيع منتجات غذائية تحت لافتات مرتبطة بوزارة الدفاع.
يسيطر الجيش على شبكة اقتصادية هائلة تمتد من الصناعات الثقيلة والمنتجات الغذائية إلى السياحة والعقارات والمستشفيات والطرق وحتى صالات الأفراح.
لا تخضع هذه الأنشطة لأي رقابة برلمانية أو محاسبة مالية. وفقًا لمركز كارنيغي، تحظى مؤسسات الجيش بإعفاءات ضريبية وجمركية كاملة.
في عام 2019، صرّح المتحدث العسكري السابق العقيد تامر الرفاعي بأن الجيش يشارك في 2300 مشروع.
رغم تأكيد السيسي أن هذه الأنشطة لا تتجاوز 2٪ من الناتج المحلي، تشير تقديرات غير رسمية إلى سيطرة الجيش على ما يصل إلى 60٪ من الاقتصاد، مع أرباح تصل إلى 7 مليارات دولار في عام واحد.
يشير خبراء إلى أن أرباح الجيش تنامت بسرعة نتيجة إسناد مشاريع ضخمة مباشرة له، مثل العاصمة الإدارية الجديدة وبناء مئات الجسور والأنفاق.
يرى محللون أن هذا التوسع أدّى إلى هروب رؤوس الأموال وندرة العملة الصعبة، وأضعف الجنيه المصري، ورفع معدلات التضخم، مما أجبر الحكومة على اللجوء لصندوق النقد الدولي.
وافق النظام المصري على التخارج من عشرات القطاعات الاقتصادية لزيادة حصة القطاع الخاص من الاستثمارات العامة إلى 65٪، لكن التقدم في التنفيذ ظل بطيئًا.
يرجح أن معارضة الجيش لهذه الخطط كانت وراء عودة ساويرس إلى إثارة الملف، خاصة وأنه محصّن باستثمارات خارجية في أوروبا والخليج.
عرضت الحكومة مؤخرًا بعض الشركات التابعة للجيش للبيع الجزئي مثل "الوطنية" لمحطات الوقود و"صافي" للمياه، لكنها لم تُقدّم معلومات مالية واضحة عنها.
تواجه خطط الخصخصة عوائق عديدة منها الغموض المالي وغياب الشفافية وعدم خضوع مجالس إدارتها للقوانين المدنية.
أعاد ساويرس طرح سؤال حول الجدوى الوطنية من توسع الاقتصاد العسكري.
في عام 2012، أعلن مسؤول عسكري بارز أن "اقتصاد الجيش خط أحمر ولن يسمح لأحد بالاقتراب منه".
لكن مع تفاقم الأزمات الاقتصادية، يتزايد الجدل داخل مصر وخارجها حول مستقبل هذا الدور.
تساءل الحقوقي بهي الدين حسن: "لماذا يتخلى بعض الصحفيين عن دورهم المهني ويقدمون بلاغات أمنية ضد ساويرس؟ لماذا لا يفتحون نقاشًا عامًا حول دور الجيش الاقتصادي منذ عام 1952؟ هل خدم البلاد أم أضعفها وأضر بصورة الجيش؟ ومتى يعود إلى ثكناته؟"
https://www.middleeastmonitor.com/20250528-sawiris-remarks-embarrass-the-egyptian-army/